تنظيم المال العام والرقابة في الدولة الإسلامية حتى عام 41ه
أ. د. عبير عبد الرسول محمد التميمي
    يعد تنظيم المال العام والرقابة المالية وهو من اساسيات الاقتصاد الاسلامي , وقد كانت التنظيمات المالية في عهد الرسول صلى الله عليه واله وسلم من اولياتها التأكيد على اهمية العمل , وعدم تأخير العطاء حيث كان لا يبقي مالا وكان يوزعه حال استلامه ولا يدعه ليلة واحدة في داره , وكان الامام علي عليه السلام يوزع الاموال حال استلامها , حيث كان لا يحتفظ باي فائض من المال للأعوام التالية وانما كان يُعد ابقاء الاموال في ذلك الوقت نوعا من الاستئثار بالأموال . 
      وكان التنظيم الاداري المالي في العهد النبوي الشريف بسيطا يتناسب مع صغر الدولة ووارداتها , وهذا يدل على مرونة التنظيم وملائمته للواقع  , وكان يرسل السعاة بنفسه ويحاسبهم بنفسه ايضا , واسس اقتصاديات الزكاة والصدقة وموارد صرفها , وقسم اقتصاديات الغزوات والفتوحات من موارد متعددة من الغنائم والفيء والجزية والفداء .
      وارتبط التنظيم الاداري للدولة بالتنظيم المالي فان الرسول صلى الله عليه واله وسلم كان النواة الاولى للجهازين المالي والاداري وشؤون السياسة الداخلية والخارجية , ويتضح من العدد الكبير من الكتبة والاداريين والمحاسبين الذين كلفهم بتدوين وكتابة الوقائع والعهود وخاصة التي كانت ترسل الى الملوك ورؤساء الاجناد لتبليغ رسالة الاسلام او الخيار بين الجزية والقتال , وشملت مواثيق ومعاهدات مع النصارى واليهود وعقود مع القبائل وكُتب الامان الى الملوك والامراء : الروم , والفرس , والحبشة, ومصر, وعمان ,واليمامة , والبحرين , والشام , وغيرها, وكان الهدف منها اقامة العلاقات والتبادل التجاري والدعوة الى الاسلام وتأمين الطرق التجارية .
    وقد اكد  الرسول صلى الله عليه واله وسلم على حق رقابة الحاكم على الرعية , ولا تقتصر الرقابة المالية على الرعية من المسلمين بل انها تشمل عموم مواطنين الدولة , وكل القاطنين ارضها , فقد تدخل في اموال بني النضير عندما اجلاهم وبني عبد القيس وغيرهم , وكان صلى الله عليه واله يراقب على بعض الممارسات العملية في الممارسات المالية لعقود التجارة والزراعة والحرف , ورقابته على الواردات الاخرى من جباية الزكاة وصرفها من حيث التقسيم الاداري لمناطق التمويل او التخصص من حيث ممارسة الجباية والتوريع وتطبيقها , وتنطلق رقابة الرسول صلى الله عليه واله على اموال المسلمين من وظيفته الاساسية بتطبيق احكام الشريعة .
     وكان هناك تعليمات للرسول صلى الله عليه واله وسلم تنظم واردات الدولة المالية وتحفظ الحقوق العامة والخاصة,  منها : النهي عن استدراج الناس او اجبارهم على الحلف على الاوعية المفروض عليها الحقوق , ومراعاة السنوية في الجباية , والحرص على عدم تكليف الممول بأكثر مما يطيق , ومراعاة العدالة , وعدم التنازل عن اي حق لمال الله , واخذ الصدقات في وجهها , وجواز اخذ المعادل النقدي للقيمة .
     ازدادت موارد الدولة ووظيفة الرقابة المالية عليها في العهد الراشدي نظرا لاتساع  الدولة وكثرة الفتوحات ودخول الناس للإسلام , فكان هنالك الزكاة والغنائم والفيء والخراج والجزية وميراث من لا وارث له  وزاد عليها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب العشور على الوافدين بتجارتهم واموالهم الى دولة الاسلام تطبيقا للمعاملة بالمثل مع المسلمين الذين يتعاملون معهم في ارضهم , وقد شهد التاريخ الاسلامي اختلافا في القرارات المالية بين الخلفاء والحكام وهذا يعود لنظرة واجتهاد كل منهم وبحسب متطلبات عصره ومستجداته  .

شارك هذا الموضوع: