” مفهوم الأمن القومي ”
م.م زهراء عدنان علوان
جامعة كربلاء
كلية التربية للعلوم الانسانية – قسم التاريخ
يشير المفهوم العام للأمن على انه (( السلام والطمأنينة وديمومة مظاهر الحياة واستمرار مقوماتها وشروطها , بعيداً عن عوامل التهديد ومصادر الخطر )) , بينما يشير مفهومه النظري والعملي إلى القيم والمبادئ النظرية والسياسات العملية التي تهدف الى ضمان وجود الدولة وسلامة اسسها , مع تأمين استمرارية مقومات بقائها وشروط استقرارها , حيث تشمل هذه الجهود تلبية احتياجات الدولة , حماية مصالحها فضلاً عن تحقيق اهدافها والتصدي للأخطار المحتملة سواء من الداخل او الخارج مع مراعاة التغيرات الداخلية والإقليمية والدولية .
فيما يخص مفهوم الأمن القومي الذي ظهر بشكل محدد وبارز في عام 1943 من قبل الأمريكي ولتر ليمان حسب بعض الآراء إذ كان مفاده (( ان الدولة الآمنة لا تحتاج إلى التضحية بمصالحها المشروعة في سبيل تجنب الحرب , وأنها في حالة التحدي قادرة على حماية تلك المصالح بشن الحرب )) , بينما تشير آراء اخرى ان ظهور المفهوم مقترن بإصدار الادارة الامريكية قانون خاص يتضمن تشكل مجلس الأمن القومي , ليعكس المصطلح في تطبيقاته وصياغته التجربة التاريخية للمجتمعات الغربية في فترة نشوء الدولة القومية .
رغم بروز المفهوم الا ان الاحاطة فيه بكل مستوياته وابعاده واجه صعوبة نتيجة التعارض النظري بين مفاهيم الأمن القومي التي هي في الأصل مفاهيم عسكرية واجتماعية له , وبالتالي لم يتفق حول مفهوم الأمن القومي او الوطني , لذلك ظهرت ثلاث اتجاهات في تعريف الأمن القومي .
يعرف الاتجاه الاستراتيجي الأمن القومي حماية اقاليم الدولة من التهديدات الخارجية إذ يربطه بقضايا الاستقلال والسيادة الوطنية , وتعتبر الدولة محور الأمن القومي إذ انها الكيان الذي يتعرض للتهديد والهدف الذي تسعى الى حمايته , فضلاً عن ارتباط الامن القومي ارتباطا مباشرا بالقدرات الشاملة للدولة من اجل دفع المخاطر حفاظا على استقلالها واستقرارها السياسي بينما الاتجاه الاقتصادي الاستراتيجي ينظر الى الامن القومي (( التصرفات التي يسعى إليها المجتمع لتحقيق التطور والتنمية سواء اقتصادية او سياسية , وان الامن الحقيقي للدولة ينبع من معرفة المصادر التي تهدد مختلف قدراتها , ومواجهتها لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات في جميع المجالات )) , مرتكز الاتجاه على ثلاث مرتكزات رئيسية والمتمثلة بضرورة تأمين الموارد الاقتصادية , وتحقيق الوظيفة الاقتصادية , ضرورة احداث التنمية كجوهر لتحقيق الأمن القومي وما بين الاتجاهين السابقين يكون الاتجاه التكاملي هو الاوسع بعد تركز اصحاب هذا الاتجاه على عناصر القوة الشاملة للدولة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ..الخ وعليه عرف من قبلهم على انه حماية كيان الدولة من التحديات التي تهددها من الداخل والخارج وضمان مصالحها الحيوية مع خلق ظروف مناسبة لتحقيق اهدافها وغاياتها , ويتحقق ذلك من خلال الاستقرار السياسي والتماسك الاجتماعي والتنمية الشاملة .
مع تعدد مفاهيم الامن القومي الا ان يمكن تحديده بمضمون جوهري في ثلاث نقاط تتمثل الاولى في حق الدولة في الوجود , بينما الثانية لابد ان تتوفر في الدولة القوة والامكانية في الحفاظ على كيانها وقيمتها الداخلية من التهديدات الخارجية والداخلية , اما الثالثة ضرورة وجود التنمية الشاملة بأبعادها ومستوياتها ومجالاتها المتعددة كونها ترتبط بمفهوم الامن القومي ارتباطًا وثيقًا .