” مفهوم الازمة الدولية ”
م.م زهراء عدنان علوان
جامعة كربلاء
كلية التربية للعلوم الانسانية – قسم التاريخ
يصعب تقديم مفهوم شامل ودقيق لمصطلح الأزمة سيما عقب اتساع مجال استعماله , واستخدامه في مختلف العلاقات الإنسانية بل في مجالات التعامل كافة , فضلاً عن تداخله مع الكثير من المفاهيم القريبة منه الى حد التطابق .
ان صعوبة تحديد معنى دقيق لمفهوم الازمة نابع من اختلاف المستويات التي تحدث فيها فضلاً عن استخدام المصطلح في مجالات عديدة فمثلا هناك ازمة اقتصادية , ازمة نفسية , ازمة نقدية , فالأزمة يمكن ان تحدث في اية جهة من الجهات او في أي زمان او مكان ويمكن منع وقوع بعض الازمات في حين البعض الآخر لا يمكن السيطرة عليها او حتى معالجتها او منعها من التحول الى نزاع مسلح سيما الازمات ذات درجة عالية من التعقيد وتنطوي في الوقت نفسه على تهديد للقيم والمصالح العليا لأطراف الأزمة .
يرجع اصل كلمة ازمة إلى الفكر اليوناني القديم الذي عد الأزمة نقطة تحول مصيرية في تطور الأمراض القاتلة والخطيرة التي تؤدي اما إلى الشفاء التام او الموت المحقق , ثم استخدمت في المعاجم الطبية في القرن السادس عشر , بينما في القرن السابع عشر توظف مصطلح الازمة في الادب السياسي للدلالة على توتر العلاقات بين الكنيسة والدولة , مع حلول القرن التاسع عشر تتابع استخدامه نتيجة ظهور مشكلات خطيرة او لحظات فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي بدا يشهدها المجتمع الدولي .
حسب المجال الذي توجد فيه الأزمة يتحدد مفهومها , وعليه فالأزمة إما تكون داخلية وإما تكون خارجية التي يطلق عليها مسمى دولية , وتكون أخطر من الأزمة الداخلية نتيجة اتساع حدودها وامتداد نطاقها .
يبدو صعوبة تحديد تعريف واضح ودقيق لمفهوم الازمة لا ينطبق فقط على المفهوم ككل بل حتى مصطلح او مفهوم الازمة الدولية لم يتمكن الباحثين في مجال العلاقات الدولية من وضع تعريف شامل ومحدد نتيجة اختلاف الرؤى الفكرية لدى الباحثين , بالتالي تعددت التعاريف الموضوعية للمفهوم الازمة الدولية وانقسموا إلى ثلاث مدارس فكرية , فالأولى تقدم نسقا للازمة الدولية , بينما تضع الأخرى تعريفا يرتكز على مفاهيم منهج صنع القرار , وتحاول الثالثة التوفيق بينهما .
ركزت مدرسة النسق في تعريف الأزمة الدولية على انها نقطة تحول في تطور نظام دولي عام أو فرعي تتسبب في حدوث توتر مفاجئ يتطور بسرعة مما يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في النظام الدولي نتيجة امكانية اللجوء إلى الحرب التي قد تغير طبيعة نظام دولي بأكمله .
بينما مدرسة صنع القرار تركز في تحديد مفهوم الازمة الدولية إلى حالة التهديد الآني او المفاجئ لأهداف حيوية , بالمقابل تجمع المدرسة التوفيقية بين الأفكار التي جاءت بها كل من مدرستي النظم وصنع القرار.
واستخلاصاً يمكن تعريف الازمة الدولية : حالة من التوتر تصيب العلاقات الطبيعية بين الدول بشكل يهدد المصالح والقيم العليا لها , حيث تظهر بشكل مفاجئ مما يجعل وقت التعامل معها او الرد عليها محدودا وضيقا يتخلله اللجوء الى استخدام القوة العسكرية .