الكمالية النفسية و انواعها
    يسعى الافراد باستمرار الى محاولة اتقان اعمالهم مهامهم بشكل كفوء ومتقن رغبة منهم للظهور بمظهر جيد وملفت للنظر من قبل الاخرين هذا من جانب اما من جانب اخر يسعون لذلك لتجنب الاخطاء والعيوب اثناء اداء هذه المهام في محاولة منهم لتلافي الانتقادات التي قد توجه اليهم او الى ما انجزوه من عمل ولكي يكونوا عند حسن ظن الاخرين ، ولذلك يعد السعي للكمال والجودة في كل مجال من مجالات الحياة أمر يرنو إليه كل انسان، ولكنه بالرغم من ذلك يؤمن كل فرد بأن كل عمل لابد أن يعتريه النقص وعدم الكمال مهما بذل من جهود لأن الخطأ طبيعة البشر والأداء المثالي أمر يندر تحقيقه، وعلى هذا الاساس يسعى الفرد ويخطط ويضع الاهداف والغايات ويعد الوسائل والسبل ويثابر ويكافح في سبيل الوصول الى هذه الاهداف والغايات بأبهى صورة واجمل شكل ،  كما يتضمن هذا وضع الفرد لنفسه مستويات ومعايير عالية يحاول الوصول اليها من خلال دافع ثابت وقوي للتوجه نحو الكمال في مسيرة كفاحه اثناء مراحل الحياة المختلفة  .
    فقد أشار عالم النففس إدلر (Adler) في نظريته الى أن من ابرز السمات الفطرية للنمو والتطور الإنساني هما الكفاح للتفوق والكمال , اذ ركزت نظرية ادلر على إرادة القوة وإرادة التفوق وإرادة بلوغ الكمال وهو الدافع الرئيس لدي الأفراد فهم يهدفون إلى تحقيق الذات وتحسين رقي المجتمع و ان سعي الفرد لتحقيق اقصى ما يمكن من الأهداف لاعتقاده بوجود هرم من الحاجات الانسانية , و الفرد بطبيعته يبحث عن الكمال ففي حالة استقرار الفرد أي (حصل على الحاجات الفسيولوجية) سوف يتجه الى تحقيق اهداف الاهداف يتجه بصورة مباشرة إلى تحقيق الكمال عن طريق تحقيقه الاهداف المحددة بكل انواعها , فالنفس الإنسانية في سعي دائمي نحو الكمال، فلا تكتفي من شيء إلا وبحثت وسعت إلى الكمال بجانبيه المادي والمعنوي، فما زال الإنسان في تطور مستمر ولولا هذه الخاصية لما رأينا هذا التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل والقفزة العمرانية، وتنوع وسائط النقل والبحث المستمر عن الأسرع والأسهل والأكمل    .
   وعند الرجوع إلى معاني الكمالية في اطارها ومعناها العام نجد أنها تمثل استعداداً شخصياً يشكل نمطاً متعدد الأبعاد يتميز بالسعي نحو السلامة من العيوب لتحقيق الكمال، مع وضع معايير دقيقة، وتقييمات نقدية متطرفة للسلوك ،  وإن مفهوم الكمالية يرتبط بشكل كبير بطبيعة أواخر مرحلة المراهقة ومرحلة الشباب، وهو جزء هام من اجزاء الشخصية الانسانية , ولذلك تعمل الكمالية كأحد خصائص الشخصية دوراً هاما وكبيرا في سعي الفرد وكفاحه نحو التميز والإتقان، , فالأشخاص الكماليون يسعون إلى المحافظة على صورة ذواتهم وإنجازاتهم لتكون متكاملة خالية من النقص سواء كان ذلك أمام أنفسهم، أو أمام الآخري , ويعتبر هذا العامل في الشخصية أحد أهم أسباب تنمية الجوانب المعرفية والمهارية في الشخصية بشكل عام ، كما تلعب هذه الخاصية دوراً هاماً في تنمية المجتمعات والرقي بها .
    صنف المنظرون والباحثون مفهوم الكمالية الى نوعين :
أولا : الكمالية التكيفي (الإيجابية) : وذكر أن أصحاب الكمالية التكيفية يتميزون بوضعهم معايير واهداف واقعية ، وانهم يشعرون بالايجابية من الجهود التي يبذلونها في سبيل تحقيق اهدافهم، بالإضافة إلى انهم يتمتعون بالمرونة في دقة مستوى أدائهم في المواقف التي تواجههم، و يشعر فيها الفرد بالسعادة والبهجة تجاه اداءه من خلال القيام بجهود وأعمال صعبة، ويشعر بالرضا الذاتي عن ذلك وفقا لجودة الاداء والمستوى الذي يظهره، ويشعر بتقدير الذات ويسعد بأدائه ومهاراته وتعجبه قدراته وامكاناته ويقوم بوضع مستويات تتناسب مع قدراته وامكانياته
ثانيا :  واللاتكيفي (السلبية) يتميز أصحاب الكمالية اللاتكيفية بتمسكهم بمستويات ومعايير متطرفة للأداء لا يمكنهم تحقيقها، لذلك فإنهم على الرغم من بذلهم للجهود العالية إلا أنه يصعب عليهم الرضا عن أدائهم . هي احد اشكال الكمالية والتي يرى الفرد فيها أن عمله وجهوده ليست جيدة او حسنة بالرغم من جودة أدائه، ويرى أنه لابد أن يكون أفضل باستمرار، ويصاحب ذلك شعوره بعدم الرضا، ويضع لنفسه مستويات لا يستطيع الوصول إليها بقدراته وإمكانياته . 

شارك هذا الموضوع: