نشأة الطباعة السعودية
وتعود نشأة الطباعة في المملكة العربية السعودية إلى عهود تاريخية سابقة لنشأة تلك المملكة، حين كانت تتبع سياسيا الدولة العثمانية، إذ أسست مطابع مهمة على عهد الدولة العثمانية إبان كانت الحجاز تحت سلطتها، ففي عام( 1883م) أَسس والي الحجاز)عثمان نوري باشا) مطبعة حكومية بمكة المكرمة، هي مطبعة (الولاية) أو( المطبعة الميرية)، كما كانت تسمى في بعض الأحيان، وقد أنشأها ليطبع فيها كتب العلوم؛ ليُكثرَ انتشار العلم، وكانت المطبعة في بادئ أمرها مطبعة يدوية، زودتها الحكومة العثمانية عام(1884م) بآلة طابعة متوسطة، من النوع المعروف في المطابع بـ(الفرنساوي) مقاس (82 ×57 سم)، وبعدها بعدة سنوات، استُحضرتْ ماكنة حجرية مقاس (50 × 70 سم)، وقد أجريت على هذه المطبعة إصلاحات متعددة أُشير إليها، ومنها جلب ماكنة كبيرة وأدوات أخرى عام ( 1885م) ().
وقد أسهمت مطبعة الولاية، كما قال المستشرق الهولندي سنوك، الذي زار مكة عام (1884م )، في طبع بعض مؤلفات علماء الحرم المكي، الذين كانوا يطبعون مؤلفاتهم في مصر من قبل، ويظهر أن مطبعة الولاية كانت حريصة على طبع كتب التراث، والمؤلفات التعليمية خلال سنواتها الثلاث الأولى، فقد أوردت عام (1886م) قائمة تشمل خمسة وأربعين كتابًا تم طبعها فيها باللغتين العربية والمالايوية().
ومن هنا فقد أسهمت هذه المطبعة في تغذية حركة النشر في البلاد؛ إذ أصبح علماء الحرمين ينشرون فيها مؤلفاتهم بعدما كانوا ينشرونها في مصر، كما نُشرت فيها بعض كتب التراث، غير أن ما نشر من هذه الكتب كان قليلا نسبيا، والظاهر أنه في معظمه كان متونا صغيرة تستعمل في حلقات الدرس التي تعقد في الحرمين الشريفين، كما أن المطابع المصرية كانت _فيما يبدو_ تلبي حاجات القرّاء من كتب التراث الكبرى، ولم تكن هذه المطبعة قادرة بوسائلها المحددة على منافسة تلك المطابع().