كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم التاريخ
أ.م .د سلوى حسن عيدان
السيدة فاطمة بنت اسد
وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ، بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وكانت فاطمة تكنى بـ (أم علي) ،وكانت تلقب بالهاشمية .
لم تذكر المصادر الإسلامية ولادة السيدة فاطمة بنت اسد ،اذ نشأت في بمكة، ثم هاجرت مع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إلى المدينة ، وكانت كالأم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ربي في حجرها ، وكان شاكرا لبرها ، وآمنت به (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأولين ، وهاجرت معه في جملة المهاجرين، وأن الله أوحى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )وهذا ما ذكره ابن الجوزي ((إني حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك . فقال يا جبريل بين لي ، فقال أما الصلب فعبد الله وأما البطن فآمنة بنت وهب ، وأما الحجر فعبد يعنى عبد المطلب وفاطمة بنت أسد ))
تنتمي السيدة فاطمة بنت أسد إلى أسرة عربية تتميز بصفات العرب كالشجاعة والقوة والنفوذ، كان والدها أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وأمها فاطمة تعرف بحبي بنت هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي ،وقام أبو طالب بخطبة فاطمة من والدها وهي بنت عمه واثناء خطبتها قال ((الحمد لله رب العالمين رب العرش العظيم والمقام الكريم والمشعر والحطيم الذي اصطفانا اعلاما وسدنة وعرفاء وخلصاء وحجيته بهاليل أطهار من الخنا والريب والأذى والعيب وأقام لنا المشاعر وفضلنا على العشاير نخب آل إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل)) ،فتزوجت فاطمة بنت اسد من ابي طالب وسقت المهر ونفذت الامر فأسالوها واشهدوا ،اذ قال اسد بن هاشم زوجناك ورضينا بك ، ثم أطعم الناس، وقال أمية بن الصلت في هذا الزواج :
اغمرنا عرس أبي طالب * وكان عرسا لبن الحالب
اقرأؤه البدو بأقطاره * من راجل خف ومن راكب
فنازلوه سبعة أحصيت * أيامها للرجل الحاسب
وولدت من ابي طالب أربع أولاد وثلاث بنات وهم الامام علي (عليه السلام)،وكان علي (عليه السلام) أصغر بنيها، وولدته عليه السلام في الكعبة ،ولا نظير له في هذه الفضيلة(14)، وكان ذلك بعد عام الفيل بثلاثين سنة ولم تلد امرأة قط في بيت الله الحرام سواها، لا قبلها ولا بعدها ،وبهذه الكرامة فقد ميزها الله عزوجل على جميع النساء بولادة الامام علي (عليه السلام ) في بيت الله دون سائر نساء العالمين ،اذ لم يولد به نبي مرسل ولا وصي منتجب ،وهذه كرامة خصها الله عز وجل السيدة فاطمة لابنها الامام علي (عليه السلام)
وذكر شاعر اهل البيت الحميري ابيات هذه الفضيلة التي خصت السيدة فاطمة اذ قال
ولدته في حرم الاله أمه * والبيت حيث فناؤه والمسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة * طابت وطاب وليدها والمولد
في ليلة غابت نحوس نجومها * وبدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوابل مثله * إلا ابن آمنة النبي محمد
، وجعفر أسن منه بعشر سنين ، وعقيل أسن منه بعشر سنين ، وطالب أسن من عقيل بعشر سنينة،وذكر أنه كان لأبي طالب من البنات أم هانئ وجمانة وريطة ولعل ريطة هي أم طالب
فاطمة بنت أسد شخصية رسالية مؤمنه عاشت بمكة قبل ولادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على دين التوحيد هي وعائلتها على دين النبي ابراهيم (عليه السلام) ولم تعبد الأصنام في جبل قبيس ،وهي ثاني امرأة أسلمت في الدعوة السرية للنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) ،وهي اول من بايعت رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم ) من النساء بعد خديجة (عليها السلام)،بمكة بعد نزول الآية الكريمة ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ،…)) وقد أسلمت وهاجرت مع المهاجرين للمدينة وبقيت بها حتى توفيت
توفيت السيدة فاطمة بنت اسد في سنة (4هـ) في المدنية المنورة ،وكانت هذه المرأة لها مكانة مميزة عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) اذ ذكر ابن عبد البر((: لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب ، ألبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه ، واضطجع معها في قبرها ، فقالوا : ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه ، فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة ، واضطجعت معها ليهوّن عليها …))
وسال عمار بن ياسر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )(( فقال : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، لقد صليت عليها صلاة لم تصل على أحد قبلها مثل تلك الصلاة ؟ فقال : يا أبا اليقظان ، وأهل ذلك هي مني ، لقد كان لها من أبي طالب ولد كثير ، ولقد كان خيرهم كثيرا ، وكان خيرنا قليلا ، فكانت تشبعني وتجيعهم ، وتكسوني وتعريهم ، وتدهنني وتشعثهم . قال : فلم كبرت عليها أربعين تكبيرة ، يا رسول الله ؟ قال : نعم يا عمار ، التفت عن يميني فنظرت إلى أربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة . قال : فتمددك في القبر ولم يسمع لك أنين ولا حركة ؟ قال : إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة ، فلم أزل أطلب إلى ربي عز وجل أن يبعثها ستيرة ، والذي نفس محمد بيده ، ما خرجت من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها ، ومصباحين من نور عند يديها ، ومصباحين من نور عند رجليها ، وملكيها الموكلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة))