الرحلات العلمية للشيخ الطبرسي 
أ.م. د سلوى حسن عيدان 
    على الرغم من عدم إفصاح المصادر التاريخية عن رحلات الشيخ الطبرسي الفضل بن الحسن بن الفضل ( 548هـ/1153م) بصورة مباشرة ،لكن عن طريق اطّلاعنا على مسيرة حياته استطعنا أن نصل إلى معرفة هذه الرحلات بشيء من الاطمئنان ،وذلك بإلقاء نظرة سريعة على نشاط العلماء الذين أخذ الشيخ الطبرسي عنهم علومه وأماكن وجودهم ،وبذلك نستطيع أن نتعرف على رحلات الطبرسي العلمية  .
    من الرحلات العلمية التي قام به الطبرسي رحلته إلى النجف الأشرف ،إذ توجه إليها  ليتلقى العلوم من شيخه أبي علي الطوسي الذي لازم مدينة النجف الأشرف بعد والده شيخ الطائفة (ت460هـ/1067م) ولم يغادرها ،وإنه فقيه الشيعة وإمامهم بمشهد الإمام علي  (عليه السلام) ،وهذ ما ذكره ابن حجر، قال :((الحسن  بن محمد بن الحسن ابن علي الطوسي أبو علي بن أبي جعفر  سمع من والده ،…، ثم صار فقيه الشيعة وإمامهم بمشهد على [عليه السلام ]،…)) وذكره الذهبي قائلاً: ((رحلت إليه طوائف الشيعة إلى                العراق ، وحملوا عنه ،…،كان ورعاً، عالماً، متألهاً ، كثير الزهد والورع…)) ،أمّا ابن العماد الحنبلي فقال : ((أبو الحسن محمد بن الحسن أبو علي بن أبي جعفر الطوسي شيخ الشيعة وعالمهم وابن شيخهم وعالمهم ،رحلت إليه طوائف الشيعة من كل جانب إلى العراق وحملوا إليه ،وكان ورعا عالما كثير الزهد،…))،وعن طريق النصوص التاريخية يظهر لنا أن الطوسي لم  يغادر النجف الأشرف، وأن طلبته يلتقون به في النجف ،وبما أن الطوسي هو شيخ الطبرسي ،لذلك نجد ان  الطبرسي قد حضر عنده من أجل تلقي العلوم له .
    وهناك رحلة أخرى للشيخ الطبرسي الفضل بن الحسن  كانت إلى الري من أجل الاستسقاء من علوم أساتذته الذين منهم عبد الجبار بن علي المقري الرازي ،الذي سكن الري بعد مغادرتــــــه الغريّ ،والشيخ الثاني هو الشيخ جعفر الدوريستي الذي سكن الري وأفاد بها ،ثم رحل بعد ذلك إلى طوس ،حيث روى عن القشيري صحيفة الإمام الرضا عليه السلام في غرة شهر الله المبارك سنه (501هـ/1107م)  
   وقد ذكر البيهقي في تاريخ بيهق ((كان هذا الإمام فريد عصره في النحو، اختلف إلى تاج القراء الكرمانيّ)) وعن طريق ذلك نجد أن الشيخ الطبرسي قصد مدينة كرمان ؛ من أجل أخذ العلوم عنه ؛لأن الكرماني لم يفارق وطنه كرمان . 
وفي سنة (523هـ/ 1128م) انتقل إلى سبزوار عندما كان مقيماً في سناباد طوس، حيث تصدر للإفادة بها كما قال القفطي: ((وتصدّر للإفادة بها ، وقصده الطلبة ، فأفادهم من موفورعلمه ، واستفادوا من بلاغته في النثر والنظم،…))
وبقي الشيخ الطبرسي في سبزوار حتى وفاه الأجل هناك ،ونقل نعشه إلى مشهد ودُفن في الموضع الذي يُعرف ب(قتلكاه). وقبرة معروف يزار بالقرب من المشهد المقدس للأمام الرضا (عليه السلام )في مدخل شارع يعرف باسمه
 

شارك هذا الموضوع: