الحموديون في الأندلس
يرجع نسب الحموديين إلى الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام), وهي أول دولة علوية في الأندلس قامت بعد سقوط دولة بني أمية.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الحموديين كانوا يلقبون في المغرب بالأدارسة نسبةً إلى جدهم إدريس الذي توجّه إلى المغرب بعد نجاته من واقعة فخ, فالحموديون والأدارسة كلاهما واحد ولكن الاختلاف في السلسلة العلوية التي تلتقي في النهاية بالجد الجامع وهو الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
اتّسم حكم الدولة الحمودية في الأندلس بالعدل والإنصاف للمظلومين, فقد سار علي بن حمود أول خلفائهم سيرة حسنة مع أهل قرطبة, فقد نقل ابن بسام عنه كلاماً في معنى الرعية, يقول فيه: “إنَّ الله تعالى قلّدني من رعاية عباده, وحملني من سياسة خلقه, وعصب بي من تدبير أمورهم, وإصلاح شؤونهم, وأَلزَمني من النظر لهم, والعمل بما يصلحهم, ما لا حَوْل لي فيه, ولا قوة عليه إلّا بعونه وتأييده, ولا هداية إلّا بتوفيقه وتسديده, وإنّ الرعية من السلطان بمكان الأشباح من الأرواح, صلاحهما وفسادهما متصلان, ونماؤهما ونقصانهما مُنتظمان”.
كان علي بن حمود يشعر بالرعية, ويحبهم ويلطف بهم, وكأنَّ كلام جدِّهِ الإمام علي (عليه السلام) إلى مالك الأشتر كان نصب عينيه.
حُسن المعاملة التي اتّبعها علي بن حمّود مع أهل قرطبة جعلتْ أهلها يميلون للحموديين, فبعد التغييرات التي جرت في قرطبة ومقتل علي بن حمود, وعودة بني أمية للحكم, جعلتْ ابن حزم وابن شهيد يتوجهان إلى ابنهِ يحيى المعتلي, يطلبان منه المجيء إلى قرطبة, فابن شهيد يكتب قصيدة إلى يحيى المعتلي, يبيّن فيها مدى الظلم الذي وقع عليه مِن بني أمية, ولكن طموحه بالمعتلي كبير في إرجاع حقوقه المهضومة, مثلما قال:
                     عليكم بداري فاهدِموها دعائماً
                                              ففي الأرض بنّاؤون لي ودعائمُ
                     لئن أخرَجَتني عنكُم شَرُّ عصبةٍ
                                               ففي الأرض إخوانٌ عَلَيَّ أكارمُ
                     وإنْ هشّـمَتْ حقـــي أميـــة
                                               فهاتا على ظهرِ الـمُحجـَّةِ هاشـمُ
لا يخلو حكم الدولة الحمودية من نزاعات داخلية وخارجية مع الطوائف الأخرى, وهي أحد الأسباب التي أدت إلى تقلص رقعة الدولة.
إنَّ النزاعات الخارجية مع الطوائف الأخرى تسبَّبَ في إنهاء سيطرة الحموديين على قرطبة وما يجاورها, وعودتهم إلى مالقة والجزيرة الخضراء.
دام مُلك الحموديين في الأندلس ما يقارب النصف قرن من الزمان, وبالتحديد في النصف الأول من القرن الخامس الهجري, توزَّعَ على كثير منهم.

شارك هذا الموضوع: