الأزمات السياسية ودورها في التأثير على أسعار النفط
م.د نور حسين الرشدي 
       ترتبط الأزمات السياسية وأسعار النفط ارتباطًا وثيقًا، حيث يؤثر كل منهما أن يؤثر على الآخر بشكل كبيرو في العديد من الحالات، تؤدي الأزمات السياسية إلى تقلبات في أسعار النفط، بينما قد تؤدي تقلبات أسعار النفط إلى تفاقم الأزمات السياسية، خصوصًا في الدول المنتجة للنفط. ويمكننا ان نوضح بشكل مفصل التأثير المتبادل ما بين المتغيرين وهي كالتالي:
  1. التوترات في الدول المنتجة للنفط:
    حيث تؤدي الأزمات السياسية، سواء كانت داخلية أو إقليمية أو دولية، تؤثر مباشرة على أسعار النفط ومن أبرز مظاهر هذا التأثير، حيث تؤدي الأزمة في دولة ما تمتلك احتياطيات نفطية كبيرة مثل الشرق الأوسط أو روسيا، فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب المخاوف من انقطاع الإمدادات وهذا ما حدث فعلا خلال الحرب الروسية – الأوكرانية أو الازمات الناتجة من الحرب في غزة ولبنان.
  1. العقوبات الاقتصادية على الدول المنتجة:
   ان فرض عقوبات اقتصادية على الدول المنتجة للنفط، مثل إيران أو فنزويلا، يؤدي إلى تقليص العرض العالمي وبالتالي ارتفاع الأسعار.
  1. التوترات الجيوسياسية الإقليمية:
  تؤدي الأزمات التي تؤثر على ممرات نقل النفط (مثل مضيق هرمزأو قناة السويس او غيرها من المضايق الاستراتيجية) تزيد من القلق بشأن تأمين الإمدادات ومثال على ذلك التوترات في منطقة الخليج العربي والتهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، وكذلك التوترات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتأثيرها على حركة امدادات النقل العالمية وبالتالي تاثيرها على أسعار النفط.
  1. الأزمات الاقتصادية العالمية:
     تؤثر الأزمات الاقتصادية العالمية (مثل الركود الاقتصادي العالمي) سلبًا على الطلب، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وبالتالي التأثير على الدول المنتجة للنفط.
وعلى الجانب الآخر، تلعب أسعار النفط دورًا محوريًا في استقرار أو تفاقم الأزمات السياسية، خاصة في الدول التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل مثل العراق فان ارتفاع الأسعار سيؤدي الى:
  • تعزيز قدرة الحكومات المنتجة للنفط على تمويل ميزانياتها ودعم برامجها الاجتماعية.
  • يقلل من احتمال نشوب أزمات داخلية في الدول الغنية بالنفط.
بينما يؤدي الانخفاض في أسعار النفط الى حدوث:
  • يؤدي إلى أزمات اقتصادية خانقة في الدول التي يكون النفط هو المصدر الأساسي مما يؤدي الى حدوث اضطرابات وازمات سياسية أو اجتماعية داخلية وربما تصل الى احتجاجات شعبية واسقاط حكومات احياناً مثال على ذلك أزمة 2014-2016 عندما انهارت أسعار النفط، ما أثر على اقتصادات دول مثل فنزويلا وروسيا.
ويمكن الاستشهاد بالعديد من الأمثلة منها:
  • دول الخليج: فأن ارتفاع أسعار النفط يدعم الاستقرار السياسي والاجتماعي من خلال تمويل مشروعات التنمية وتقديم الدعم للمواطنين، أما انخفاض الأسعار، كما حدث في 2020حيث دفع هذه الدول إلى البحث عن إصلاحات اقتصادية.
  • فنزويلا: ان انخفاض أسعار النفط بشكل حاد كان أحد العوامل الرئيسة في الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تمر بها الدولة.
  • روسيا وأوكرانيا: الأزمة الروسية -الأوكرانية أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما عزز من قدرة روسيا على تمويل حربها، في حين تأثرت أوروبا بارتفاع تكاليف الطاقة.
خلاصة ذلك ان الأزمات السياسية وأسعار النفط في علاقة متبادلة، حيث تؤدي الأزمات إلى تقلبات في الأسعار، بينما تساهم أسعار النفط في استقرار أو تفاقم الأزمات لذا فإن استقرار أسواق النفط مرتبط بشكل كبير بالاستقرار السياسي الإقليمي والدولي، والعكس صحيح.

شارك هذا الموضوع: