غياب القومية من استمارة الاحصاء السكانية !!!
م.د مروة حسين علي
لقد عانى العراق من توترات سياسية وطائفية بسبب التعدد العرقي والديني بين مكوناته (العرب، الأكراد، التركمان، المسلمين الشيعة، المسلمين السنة، والمسيحيين). تخشى بعض الأطراف السياسية من أن يؤدي التعداد إلى إظهار توزيع سكاني قد يؤثر على توزيع السلطة والموارد. فعلى سبيل المثال توجد مخاوف من أن التعداد قد يظهر أعدادا كبيرة لمكون معين في منطقة معينة، ما قد يعزز مطالب هذا المكون بتمثيل أكبر في الحكومة أو بتخصيص موارد إضافية لمنطقته.
يختلف التعداد الحالي عن سابقيه في كونه لا يحتوي على حقلي القومية والمذهب وينص فقط على الديانة، ويثير غياب القومية في استمارة التعداد الى جانب عمليات التغيير الديمغرافي، الذي شهدته المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي، مخاوف الكرد والتركمان من أن يؤدي الى ترسيخ هذه التغييرات، خاصة أن غالبية سكان المناطق المتنازع عليها مثل سنجار غرب الموصل مازالوا نازحين في المخيمات. وكان العراق قد أجرى آخر تعداد سكاني عام 1987، الذي اشتركت فيه جميع المحافظات، تبعه إحصاء عام 1997 الذي أجري دون مشاركة محافظات إقليم كوردستان.
وظلت البلاد طيلة السنوات الماضية مُعتمدة على الأرقام الإحصائية التقريبية الصادرة عن مؤسسات ومراكز أبحاث غير رسمية تُعنى بهذا الشأن، قبل أن تصدر تقديرات وزارة التخطيط في عام 2022 بأن عدد سكان العراق بلغ أكثر من 42 مليون نسمة. وفي المقابل، فإن ملف المناطق المتنازع عليها في العراق يعد من أكثر القضايا تعقيداً وحساسية في المشهد السياسي والتي لم ترَ طريق الحل من بعد 2003، وهذه المناطق تشمل أراضي واسعة تمتد بين إقليم كوردستان والحكومة في بغداد، كما تتميز بتنوعها من الناحية القومية والإثنية.
وقد يقدم الإحصاء اجابات او يوجد مزيدا من المشاحنات في بلد متعدد الأعراق عاني من عنف طائفي بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ويحاول الان دعم المكاسب الامنية في وقت يعكف فيه على اتخاذ قرار بشأن كيفية توزيع ثروته النفطية الضخمة. ويملك العراق ثالث اكبر احتياطي نفطي في العالم. وطالب اقليم كوردستان بعد 2003 بضم كركوك واجراء التعداد السكاني، وسيحدد الاحصاء ان كان الكورد أكبر تكتل عرقي في المدينة وهو ما قد يدعم تلك المطالبة.
كما سيكشف عن عدد السكان الذين يعيشون في إقليم كوردستان الامر الذي سيحدد حصته في إيرادات الحكومة العراقية التي تبلغ حاليا بنحو 12 في المئة.
وكان من المقرر أن يظهر الإحصاء التركيبة الدينية للعراق ذي الاغلبية المسلمة، أو القومية، لكن تعمد الا يسأل السكان عن ذلك، وهو ما ولد رفضاً من سكان مناطق النزاع.
واخيرا الإحصاء من العمليات الأساسية والمهمة في بناء قاعدة معلومات رصينة ويجب أن تكون وفقا لمعايير علنية، ففي جميع الاحصائيات التي تمت في البلد ذكرت القومية ونتوقع أن المرحلة الحالية أكثر حاجة لذكر هذه الفقرة، خصوصا في المناطق المتنازع عليها حتى يتبين أعداد الكورد والعرب والتركمان والاقليات من الكورد الفيلية والمسيح وغيرهم حتى تكون قاعدة معلومات رصينة تعتمدها الدولة في التعامل مع الملفات الحساسة