السياسة الجيوسياسية الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن
اسم الطالب : عمار ناهي عذاب
القسم :الجغرافية التطبيقية
تشهد السياسة الجيوسياسية الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن تحولًا ملحوظًا في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط، حيث تسعى الإدارة الحالية إلى إعادة صياغة الاستراتيجيات التي اتبعتها الولايات المتحدة في المنطقة خلال العقود الماضية. يعتمد نهج بايدن على الجمع بين الدبلوماسية التقليدية والتحولات الاستراتيجية التي تستجيب للتحديات الإقليمية والدولية.
يرتكز النهج الأمريكي في عهد بايدن على تخفيف الوجود العسكري المباشر في الشرق الأوسط والتركيز على توظيف أدوات القوة الناعمة، مثل الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي. وقد جاء هذا التوجه في إطار تقليص الولايات المتحدة انخراطها العسكري في النزاعات طويلة الأمد، حيث انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان وبدأت بإعادة تقييم دورها في العراق وسوريا. وتحاول إدارة بايدن أيضًا معالجة القضايا الكبرى في المنطقة من خلال الوسائل الدبلوماسية، كما يتضح من جهودها لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة. تسعى الإدارة لإعادة إيران إلى الالتزام بقيود الاتفاق النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية. لكن هذه الجهود تواجه معارضة شديدة من قوى إقليمية مثل إسرائيل ودول الخليج العربي، التي تخشى من تعزيز نفوذ إيران الإقليمي واستمرار أنشطتها المزعزعة للاستقرار.
على صعيد العلاقات مع دول الخليج، شهدت السياسة الأمريكية تغيرًا محدودًا لكنها ملحوظة في الخطاب العام. تمثل ذلك في انتقادات إدارة بايدن للسجل الحقوقي لبعض دول الخليج، خاصة السعودية، مع التركيز على قضايا مثل حقوق الإنسان والحرب في اليمن. ومع ذلك، حافظت الولايات المتحدة على شراكتها الاستراتيجية مع هذه الدول، مشيرة إلى أهميتها في مواجهة التهديدات الإقليمية مثل الإرهاب ونفوذ إيران.
من جهة أخرى، تسعى إدارة بايدن إلى تقليص الانقسامات الإقليمية وتعزيز مساعي السلام، كما يظهر في دعمها لاتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، التي بدأتها إدارة ترامب. وفي الوقت ذاته، أعادت واشنطن التأكيد على التزامها بحل الدولتين كإطار لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، رغم غياب خطوات فعلية تدفع هذا الحل قدمًا.
يمكن القول إن سياسة جو بايدن تجاه الشرق الأوسط تتسم بتوازن بين السعي لتحقيق المصالح الأمريكية الاستراتيجية وتقليل الانخراط المباشر في الصراعات، مع محاولة إيجاد حلول دبلوماسية للتحديات الإقليمية. ومع ذلك، تظل هذه السياسة محدودة التأثير في ظل تعقيد القضايا الإقليمية وتعدد الفاعلين المحليين والدوليين، مما يجعل تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة أمرًا بالغ الصعوبة.