مبادئ المدينة المعاصرة
م. وسيم عبد الواحد رضا النافعي
قسم الجغرافية التطبيقية/ دكتوراه
يتطلب بناء مدن ناجحة في القرن الواحد والعشرين أساليب تفكير جديدة حول النمو، وقادرة على تجاوز أنواع المشكلات، وعلى المخططون والمهندسون المعماريون إلى التفكير في مصطلحات ومبادئ جديدة تساعد في تصميم مدن غنية ومجزية وقادرة على النقل وعالية الكثافة، وعدم تجاوز العوامل التاريخية والجغرافية. والتفكير في قضايا أساسية لتحسين وضمان جودة الحياة الحضرية. مع الأخذ بعين الاعتبار ان المدينة في تغير مستمر ونشاط دائم. ويمكن إجمال المبادئ بالآتي():
المبدأ الأول: الاستدامة (الالتزام بالضوابط البيئية)
المشكلة: استغلال وسوء استخدام البيئة، إهدار الطاقة، تدهور الأراضي، وتلوث الهواء والماء.
تعد الاستدامة المبدأ الأول لبناء المدن في القرن الواحد والعشرين، تشير الاستدامة إلى الحفاظ وحماية الموارد الطبيعية غير القابلة للتجديد. يعد موضوع الاستدامة واحدًا من الموضوعات الرئيسة في عصرنا، يتم مناقشته وكتابته بشكل واسع، إذ يثار النقاش دائمًا بأن بناء المدن في القرن الواحد والعشرين سيتحكم فيه بشكل كبير بمتطلبات الاستدامة. خلال العقود القادمة، سيضطر القائمون على بناء المدن إلى مواجهة إمدادات محدودة من الطاقة ومسائل تغير المناخ العالمي. تفرض هذه الحقائق التعهد القوي والمستمر بأخلاقيات بيئية في التصميم والتخطيط الحضري.
المبدأ الثاني: سهولة الوصول (تيسير حركة التنقل)
المشكلة: الازدحام المروري، الشلل المروري، فقدان الوقت، المناطق المغلقة والمحاطة بالجدران، نقص السلامة والراحة للمشاة، الاعتماد على السيارات.
أحد الأفكار الأساسية للمدينة هو تيسير التبادلات بين الأشخاص والبضائع والخدمات والأفكار. تميل أنماط الاستيطان الحضري تاريخيًا إلى التوسع حول مراكز النقل والتجارة، تقريبًا دائمًا حيث يتصل أو يتقاطع الطرق والمجرى المائي. في العصر الحديث، سهلت السكك الحديدية والطرق السريعة والجوية، وحتى الروابط الإلكترونية، وفي المقابل، تم تيسيرها من خلال تطوير المدينة.
المبدأ الثالث: التنوع (توسيع الخيارات)
المشكلة: الحرمان من الخدمات، التلوث البصري، بيئات غير مرضية، ارتفاع التكلفة.
يكمن الجوهر في المدينة القابلة للعيش في اختيار الإقامة وفرص العمل والخدمات والأنشطة الثقافية والدينية والجاذبية البصرية وعناصر الراحة والترفيه، والوصول السهل والمريح إلى الرعاية الصحية والتعليم. وتوفر هذه الخيارات لسكان المدينة أوسع نطاق من الفرص للعيش حياة مرضية ومتوازنة.
المبدأ الرابع: المساحات المفتوحة (إعادة توليد أنظمة طبيعية لجعل المدن خضراء)
المشكلة: فقدان البيئات الطبيعية، نقص المساحات الترفيهية، كثرة المباني والأسطح الصلبة.
المساحات المفتوحة في البيئة الحضرية قد تكون أحد أهم عناصر التصميم التي تحدد بشكل كبير عملية بناء المدينة وأهمية أكبر لقابلية العيش. يختلف نوع وطابع المساحات المفتوحة حسب المناخ والثقافة، ولكن البناء الجيد للمدينة يتطلب دائمًا وجود بعض المساحات الخضراء التي تخفف من قساوة البيئة الحضرية وتخفف من أثر المباني والمنشآت.
المبدأ الخامس: الموائمة (الحفاظ على الانسجام والتوازن)
المشكلة: أحياء المدينة والعناصر البنائية التي لا تتناسب وتشوش وتسبب الارتباك.
يتم تصميم المدينة على وفق مجموعة متنوعة من المقاييس ذات الصلة ومنها التوافق والموائمة، وعند اتخاذ القرار بما إذا كانت المباني ستبرز أم تندمج، يوحي المبدأ بأن عناصر الشبه مهمة بنفس قدر أهمية عناصر الفرادة في تحديد إحساس قابل للتعرف والمعرفة بالمكان. وبالتالي، ينقسم مبدأ الموائمة إلى ثلاثة عناصر: العلاقة مع السياق، ومقياس البناء، وطابع البناء.
المبدأ السادس: التحفيز (تجديد المدن المتراجعة)
المشكلة: المدن في تراجع اقتصادي، مع عدم استخدام البنية التحتية والمباني.
في طبيعة المدن أن تكون في تغيير مستمر وينجم هذا التغير عن تراجع اقتصادي، في مثل هذه الظروف الاقتصادية السيئة، تتوفر مجموعة واسعة من الحوافز الإبداعية للمساعدة في عكس هذا الاتجاه، أو على الأقل التخفيف منه. ومنها: تخفيضات الضرائب، والدعم المالي لتكاليف الأراضي، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم والسلامة العامة.
المبدأ السابع: القدرة على التكيف (التكامل والتغيير الإيجابي)
المشكلة: عدم المرونة في تغيير حجم المشروع أو النشاط، عدم القدرة على التوصل إلى حل وسط في التصميم.
يجب على بناة المدن في القرن الحادي والعشرين الاعتراف بأن النتيجة النهائية لمشروع التصميم الحضري لا يمكن أن توقعه بدقة مطلقة. وفق إطار زمني طويل يشتمل على تغييرات. على سبيل المثال، مشروع بُني لتلبية مستويات حركة المرور المتوقعة، قد يتم توسيعه مع مرور الوقت لاستيعاب المزيد من حركة المرور، أو تحويله إلى ممر للمشاة.
المبدأ الثامن: الكثافة (تصميم مدن ملتئمة مع وسائل نقل مناسبة)
المشكلة: امتداد واسع عبر أراضي قيمة لا يمكن استبدالها، وهدر الطاقة والبنية التحتية، وفقدان ملايين الساعات في الانتقالات.
يركز هذا المبدأ على أن زيادة الكثافة يقلل تكاليف البنية التحتية، وتكاليف طرق النقل والمرافق الأخرى، والحفاظ على الأراضي الزراعية والمناظر الطبيعية والموائل وأراضي الأحواض النهري القيمة، والمزيد من خيارات التوظيف، وخيارات ثقافية وتعليمية أوسع، وتلوث أقل، وفقدان أقل للوقت في الانتقال. على سبيل المثال، تدعم الكثافة الشديدة لهونغ كونغ نظام قطار شامل يمكنه نقل الركاب من طرف المدينة إلى الآخر في حوالي 15 دقيقة.
المبدأ التاسع: الهوية (الحفاظ على فرادة وموروث للمكان)
المشكلة: تماثل بيئة المدينة، تشويه المعالم، عدم الشعور بالماضي.
تسعى جميع المدن إلى النجاح: اقتصاديًا، واجتماعيًا، وآخرها البيئي. على ذات النحو يجب على المختصين التأكيد على المصلحة العامة لحماية وتعزيز مصدر فرادة المدينة على المصالح الخاصة التي تهددها. ويجب عليهم الاستفادة من الميزات المميزة والغير عادية والخاصة للمساعدة في جعل كل مدينة فريدة وفيها ذكرى لا تنسى.