"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>
أثر الاستقرار السياسي على النشاط التجاري ما بين الخلافة العباسية وبلاد ما وراء النهر حكم الإمارة السامانية (261-389ه/874-998م) 
    ان اي نشاط اقتصادي لاسيما التجاري منه لا يمكن له ان يزدهر وينتعش اذا لم تتوفر له ظروف سياسية وامنية مستقرة ونظام سياسي داعم لهذا النشاط , وقد كان للدويلات الواقعة على طول المسير للطريق التجاري الرئيس (طريق الحرير) هي من التزمت بتوفير الامن والحماية لهذه القوافل وتوفير الراحة للمسافرين وحراسة الطريق حتى يبقى هذا الطريق الممتد من الشرق الى الغرب مفتوحاً وامناً .
    فبعد الاستقرار السياسي الذي حدث في العصر العباسي الاول اخذت التجارة تتطور بشكل كبير حتى وصلت الى اوج قوتها وانتعاشها خلال القرن الرابع الهجري بسبب الوضع السياسي المستقر واستتباب الامن بالإضافة الى الهيمنة الادارية, لاسيما بعد الجهود التي بذلت من قبل الخلافة العباسية للقضاء على الفتن الداخلية والخارجية التي كانت محدقة بالخلافة العباسي . 
     وقد كان دور الحكام الذين تم اقرارهم من قبل الخلافة العباسية على المناطق ذات الاهمية الاقتصادية في المشرق وهي خراسان وبلاد ماوراء النهر والتي بدأت من فترة حكم الولاة الذين حكموا تلك المناطق ما بين سنة (132-205ه/749-820م), تم تلتها مرحلة الحكم الطاهري والتي استمرت اكثر من نصف قرن (205-259ه/820-872م), ثم جاء الحكم الصفاري الذي اسقط الطاهريين في خراسان, وبعدها استقر حكم المشرق للسامانيين بتأييد واقرار من الخلافة العباسية, فكان لهذه النظم السياسية الدور البارز في حفظ تخوم بلاد المسلمين وساروا بها نحو النماء الاقتصادي بكل مجالاته .  
     وهكذا اصبحت القوافل التجارية تأتي من الصين وبلاد الترك وتمر ببلاد ماوراء النهر بكل امان حتى تصل الى حاضرة الخلافة العباسية ونتيجة ذلك ازدادت واردات الدولة السامانية بسبب النشاط التجاري ووجود المحطات التجارية في المدن الرئيسية لبلاد ماوراء النهر .
   حيث ازدادت واردات الدولة السامانية من الضرائب والرسوم حتى بلغ دخلها السنوي ما يقرب من الخمسة والاربعين مليون درهم, وتجدر الاشارة هنا الى ان الخلافة العباسية لا تأخذ منه شيء لان ميزانيتها قد فصلت عن ميزانية خراسان وبلاد ماوراء النهر في هذه المدة .
    ولتأمين سلامة القوافل التجارية انشأت المخافر العسكرية والرباطات (حرس الحدود) والذي يتسع كل رباطاً منها لألف فارس , بالإضافة الى نقط البريد المجهزة بالخيول حيث وضعت محطات بريدية بين مسافات محددة وانشاء نقط للحراسة على طول الطريق, وقد اوقف الحكام السامانيين اموالاً كثيرة لتغطية تلك النفقات بهدف تأمين طرق المواصلات للقوافل التجارية حيث بلغت النفقات العسكرية والامنية السنوية للحكومة السامانية ما يقرب العشرين مليون درهم .
    وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض المناطق في بلاد ماوراء النهر يصعب اجتيازها من قبل القوافل التجارية مثل المعابر الجبلية الوعرة حيث كان هناك ادلاء يقومون بتقديم المساعدة للتجار على عبور تلك الممرات الجبلية مثل جبال البتم ومساعدتهم في حمل اثقالهم وسلعهم التجارية .                    
      كذلك جبال فرغانة التي توصل مناطق بلاد ماوراء النهر بالترك ومنها تصل الى (التبت) ثم الى الصين واغلب الظن ان هؤلاء الادلاء كانوا يعملون لصالحهم حيث ذكر في ما يخص ذلك ما نصه : ” … ولا يكاد انسان يمر,على ظهر ذلك الجبل الا العلوج الذين,اعتادوا مجازها فهم اذا نزل,بهم التجار يكترونهم ليحملوا,حمولتهم ومتاعهم … ” .
    وهناك بعض الاشارات عن وجود اتفاقيات ومواثيق وعهود بين اصحاب القوافل التجارية وبين تلك الاقاليم التي تقع في طريق مسير قوافلهم بهدف حمايتها من اي اعتداء ولتأمين وصولها بسلام, فضلاً عن وجود الخانات لإيواء التجار وتسهيل امر معاملاتهم , بالإضافة الى ان سكان بلاد ماوراء النهر كان من عاداتهم الكرم والترحيب بالضيف والاهتمام بتجار القوافل الذين يمرون في مناطقهم فقد ذكر عنهم انهم :” … لا تجد فيهم,صاحب ضيفة , الا كانت,همته ابتناء قصر فسيح ومنزل للاضياف …” .
     وهكذا يمكن القول ان السامانيين سيطروا على الطرق التجارية في منطقة نفوذهم ولذلك وصفوا بانهم (دولة طرقية) اي واقعة على الطرق التجارية المهمة, ومما تجدر الاشارة اليه هو اقتران قوة سلطة الخلافة العباسية مع امتلاك العرب زمام النشاط التجاري في اواسط اسيا بعد ان اصبحت معظم الاقاليم في المشرق تحت ايديهم الى الحد الذي كانت فيه بغداد تحدد اسعار بعض التجارات والسلع المتداولة في بعض الاقاليم خاصة السلع الغذائية وكان ذلك منذ عصر الخليفة ابو جعفر المنصور (136-158ه/753-774م) .
     حيث ذكر في ما يخص ذلك : ” أن ولاة البريد في الآفاق,كلها كانوا يكتبون إلى المنصور,أيام خلافته في كل,يوم بسعر القمح والحبوب والأدم,، وبسعر كل مأكول … “ .
     وقد استمر نفوذ الخلافة العباسية بهذه القوة حتى عهد المأمون بعد ذلك اخذت الدولة العباسية تفقد شيئاً من قوتها ونفوذها خاصة بعد تأسيس دويلات المشرق كالطاهريين والصفاريين والسامانيين والتي اثبتت الاخيرة جدارتها وقوتها السياسية والادارية في بلاد ماوراء النهر والذي يرجع لها الفضل في حفظ الامن والنظام في التخوم والطرق التجارية, حتى اصبحت القوافل التجارية القادمة من بلاد ماوراء النهر تهبط عند ابواب بغداد بكل امان حاملة مختلف السلع .
    ومن الادلة الواضحة للعلاقات التي كانت بين حاضرة الخلافة العباسية وبلاد ماوراء النهر وجود المراكز التجارية التي يسكنها التجار من كلا الجانبين , حيث كانت هناك جاليات عراقية في سمرقند كان لها دوراً مؤثراً في تقديم التسهيلات لتجار العراق في بلاد الغربة .
     وبالمقابل كانت هناك المراكز التجارية في العراق تستقبل الكثير من تجار خراسان وبلاد ماوراء النهر حيث سكنوا مدينة السلام وكانوا يعملون بالتجارة والصناعة وخصصت لهم محلات واسواق خاصة بهم في بغداد, ومما ذكر في ذلك : ” … كل درب ينسب الى اهل بلد من البلدان .. وليس ببغداد ربض اوسع ولا اكبر ولا اكثر دروباً واسواقاً في الحال منة , واهلة اهل بلخ , واهل مرو , واهل الختل , واهل بخارى .. واهل خوارزم , ولكل اهل بلد قائداً ورئيس” .
   فمن خلال هذا النص نلاحظ ان اسواق بغداد كانت اسواق كبيرة المساحة وفيها دروب متعددة وكل درب منها كان ينسب الى بلد من البلدان والملاحظ ايضاً ان هؤلاء التجار لم يسكنوا بشكل فوضوي ودون تنظيم انما كان لكل اهل بلد منهم مكاناً خاصاً بهم ورئيساً يدير شؤنهم ويمثلهم. 
   وهكذا نجد ان بلاد ماوراء النهر قد تنعمت ابان حكم السامانيين بالهدوء والطمأنينة مما كان له الاثر في ازدهار الصلات التجارية مع العباسيين فأصبحت القوافل التجارية وقوافل الحجاج تقصد بغداد بكل امن وامان .
    واخيراً يمكن القول ان العلاقات السياسية الحسنة والاستقرار الامني والهيمنة الادارية انعكس وبشكل ايجابي على الجانب الاقتصادي لاسيما التجاري منه , حيث بان وبشكل واضح ان العلاقات السياسية الحسنة بين الخلافة العباسية وبلاد ماوراء النهر المتمثلة بالدولة السامانية كان لها الدور البارز والمؤثر في تنشيط حركة التجارة وانعاشها كون ان هذه السياسة ادت الى استقرار الاوضاع الامنية  والادارية للأقاليم التي تمر بها القوافل التجارية, وفي الوقت نفسه لاحظنا ان كلا الطرفين كان له اهتمام بالغ في تشجيع النشاط التجاري كونه مورداً اقتصادياً للدولة بالإضافة الى توفير السلع التي يحتاجها السكان لاسيما الغذائية منها بالأسعار التي تحددها السلطة احياناً .
 

شارك هذا الموضوع:

"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>