اسم الطالبة :- م . م ليلى محمد جابر كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم التاريخ
مشهد السيدة سكينة بنت الأمام الحسين ( عليهم السلام ) في مصر و فرية الأزواج تحت مجهر التاريخ
يذكر ابن عثمان ( ت : 615هـ / 1218م ) أن أول من دخل مصر من ولد علي بن أبي طالب ( علية السلام ) سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام ) وذلك حين حملت إلى الاصبغ بن عبد العزيز ليتزوجها فوجدته قد نعى فرجعت إلى المدينة وقيل أنها قالت لأخيها :” والله لا يكون لي بعل فماتت وهي بكر رضي الله عنها ” (1 ) .
.
استندت روايات وجود مشهد السيدة سكينة (عليها السلام ) في مصر على روايات حادثة زواج السيدة من الاصبغ بن عبد العزيز حيث نسب ابن عبد الظاهر ( ت : 692هـ / 1292م ) مشهد السيدة سكينة بنت الأمام علي (عليهم السلام ) إلى سكينة بنت الأمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهم السلام ) إلا أن المصادر التاريخية الإسلامية لم تذكر أن للأمام زين العابدين ابنة تدعى سكينة ومؤكد انه قصد المشهد نفسه الموجود في مصر وهو مشهد السيدة سكينة بنت الأمام الحسين (عليهم السلام ) فيقول في ذلك : ” بناهُ الأفضل أبو علي أمير الجيوش في صفر سنة خمسة وعشرين وخمس مائة وحلي بالمحاريب والتعاليق وصاغ له الاعلاق المثمنة ” ( 2) .
لا يمكن التسليم المطلق بان المشهد هو ضريح السيدة سكينة (عليها السلام ) ذلك لان ابن عثمان قد ذكر أنها رجعت إلى المدينة وماتت هناك فأذن ضريحها يكون في المدينة إضافة إلى ذلك أن الرحالة الهروي ( ت : 611هـ / 1214م ) يذكر أن لها مشهد في بلاد الشام فقد قال الهروي : ” وبظاهر طبرية مشهد به قبر سكينة ابنة الحسين عليه السلام وقد زرناها “( 3) ، ويوافقه غيره من الرحالة (4 ).
هذا من جهة ومن جهة أخرى مسألة مجيء السيدة سكينة (عليها السلام ) إلى مصر وارتباط ذلك بخطبتها من الاصبغ بن عبد العزيز فيذكر صاحب الطبقات وغيرة من المصادر أن السيدة سكينة بنت الأمام الحسين (عليهم السلام ) قد تزوجها أربعة من الرجال وما قولهم إلا افتراء على السيدة العفيفة سليلة الرسالة المحمدية فيذكر أن مصعب بن الزبير ، كان أولهم ومن ثم عبد الله بن عثمان ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان ثم ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري فأقامت معه ثلاثة أشهر فكتب هشام بن عبد الملك إلى واليه بالمدينة أن فرق بينهما ففرق بينهما وقال البعض تزوجها بعد زيد بن عمرو الاصبغ بن عبد العزيز . (5 )
لا نعلم كيف رُتب هولاء الأزواج فإذا كان مصعب أولهم وكانت وفاته سنة ( 72هـ / 691م ) وولاية الاصبغ على مصر كانت سنة ( 74هـ / 693م ) وقد تمت خطبتها في أثناء ولاية الاصبغ على مصر لأنه قد خُير بين السيدة سكينة (عليها السلام ) وولاية مصر فطلق السيدة واختار ولاية مصر على حسب ما جاء به صاحب كتاب الاغاني . (6 )
بذلك تكون المدة بين وفاة مصعب وخطبة الاصبغ سنتين فهل تتزوج السيدة سكينة ( عليها السلام ) بعد مصعب بثلاث رجال آخرون من بينهم زيد بن عمرو بن عثمان الذي أمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها أي في ولاية سليمان سنة ( 96هـ / 714م ــــــ 99هـ / 717م ) ففي هذا التاريخ يكون الاصبغ متوفي فتاريخ وفاته سنة ( 88هـ /706م ) ؟! .
أكدت الأبحاث التاريخية أن السيدة سكينة بنت الأمام الحسين (عليهم السلام ) لم تتزوج قط فقط من ابن عمها عبد الله ابن الأمام الحسن المجتبى ( عليهم السلام ) ، كما ذهبت الدكتورة بنت الشاطئ بتأكيد بحثها على نفي هذه الزيجات اوفرية زيجات السيدة سكينة بنت الأمام الحسين (عليهم السلام ) (7 ) ، ونذهب مع هذه الآراء بعد ما لوحظ كيف تم وضع المرويات عن زواج السيدة عليها السلام .
أما فما يتعلق بالمشهد الموجود في حي الخليفة القاهرة فنرجح أحد الاحتمالين الأول وهو ما ذهبت إليه الدكتورة سعاد ماهر هي أن العصور الوسطى انتشر فيما يسمى ضريح الرؤيا أي أن أحد الأشخاص يرى رؤيا لولي من أولياء الله فكان عليه أن يقيم ضريح أو مسجد بأسمه وهو رأي لا بأس به (8 ).
أما الاحتمال الثاني فهو بحسب اعتقادنا أن الفاطميين قد شيدوا مسجداً باسم السيدة سكينة بنت الحسين (عليهم السلام ) تعظيماً وإجلالاً وتبركاً بذكرى السيدة سكينة (عليها السلام ) وتعارف فيما بعد على انه ضريح للسيدة سكينة عليها السلام واخذ أعداء آل البيت (عليهم السلام ) ينسجون أوهاماً كفرية زيجات السيدة (عليها السلام )التي هي بعيدة عنها كل البعد ويكفينا في ذلك ما قاله أبيها سيد الشهداء عنها بأنها قد غلب عليها الاستفراق مع الله تعالى فلا تصلح لرجل (9 ) .
الهوامش
( 1 ) مرشد الزوار إلى قبور الأبرار المسمى الدر المنظم في زيارة الجبل المقطم ، ص154 .
( 2 ) الروض البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة ، ص95 .
( 3 ) الإشارات إلى معرفة الزيارات ، ص27 .
( 4 ) ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، ج2 ، ص468 ؛ ابن بطوطة ، رحلة ابن بطوطة ، ص323 .
( 5 ) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج8 ، ص475 ؛ الزبيري ، نسب قريش ، ص59 ؛ البغدادي ، المحبر ، ، ص438 ؛ البلاذري ، انساب ، ج2 ، ص195 .
( 6 ) الأصفهاني ، ج16 ، ص366 .
( 7 ) المقرم ، سكينة ابنة الأمام الشهيد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ، ص110 ؛ بنت الشاطئ ، سكينة بنت الحسين ، ص117 .
( 8 ) مساجد مصر وأولياءها الصالحون ، ج1 ، ص103 .
( 9 ) الصبان ، ص80 .
