التطور التاريخي للتدريس الأستاذ المساعد الدكتور حيدر زامل الموسوي

التطور التاريخي للتدريس

 

الأستاذ المساعد الدكتور

حيدر زامل الموسوي

 

على الرغم من أن التدريس سلوك قديم مارسه الإنسان, إلا انه لم يظهر في الغرب كمهنة رسمية معترف بها بمعناها وخصائصها الحاضرة إلا مع بداية القرن الثامن عشر عندما بدأت سلطة الكنيسة تنحصر عن شؤون المجتمع الدنيوية.

أما في الشرق , فان مهنة التدريس بقيت محصورة على رجال الدين وموجهة نحو الأمور الدينية حتى بداية القرن الحالي,إذ إتخد التدريس بنحو عام والمشرفين عليه بنحو خاص يتصفون بالتخصصية والاستقلال التدريجي عن الإدارة الدينية المباشرة ومهما يكن فقد اقتصر التدريس في بداية الأمر على المحاربين وتدريبهم على فنون القتال وتحصريهم جسميا لهذا الغرض , وكان ينتشر في تلك الحقبة التاريخية لعهد الإسبارطي والعهد الآشوري, أما في الحياة الصينية تمثل التدريس في إعداد الكتاب والموظفين والمواطنين الصالحين للمجتمع وللإدارة المدنية.

ومع بداية القرن السادس عشر توجه التدريس نحو إعادة القادة كما كان الأمر في التعليم الأثيني

الذي تميز بهذه الوظيفة وركز في تحصيلها، أما في المجتمعات الهندية واليهودية والإسلامية فقد ركز التدريس بدرجة كبرى في تعليم المعتقدين والعلماء والدعاة لتحقيق غرضين رئيسين وهما صلاح الفرد ونجاحه في الدنيا، وقبوله في الحياة الآخرة.

وعندما شعر الأوربيون بالحاجة لدراسة علوم الأمم الأخرى وحضارتهم فقد اهتم التدريس نتيجتها بتعليم الأفراد وإعدادهم كعلماء ليكونوا قادرين على البحث والاستقصاء في انجازات اليونانيين والعرب المسلمين وذلك للاستفادة منها وبناء حياة علمية جديدة وحقيقة كان لهم ذلك في تطوير الفكر والحياة الأوروبية ومما تبلور من جراء هذا التدريس هو ذلك الحشد من العلماء الذين ظهروا واخذوا على عاتقهم واستنفدوا منها في تطوير التربية البدنية وتحسين ممارستها ونتائجها.

وما جون لوك, وجان جاك روسو, وبستالوترى, وفروبل وهاربرت وغيرهم إلا أمثلة قليلة لعملية التدريس، أما بداية القرن العشرين فقد بدا التركيز فيها على الطفل واهتماماته ورغباته وميوله ومنها ظهرت المدارس والوسائل التعليمية المميزة حين قام جون دوي بترجمة أعمال روسو وبستالوتزي إلى مدارس وفلسفة تربوية حديثة سادت دون مناقشة تذكر عالم التربية حتى منتصف القرن العشرين.

والتدريس الذي تطور عبر العصور الآلفة حتى وصل الصيغة الحالية هو في الوقت نفسه علم تطبيقي انتقائي اخذ من علوم شتى علم النفس التربوي و الفلسفة, وعلم الاجتماع كثيرا من مبادئه وإجراءاته, مما نتج عن هذا كله أن تميز بطبيعة وخصائص ومدارس حديثة متنوعة.