الروح المعنوية من المنظور الإسلامي

ان الابحاث العلمية في الروح المعنوية حديثة العهد نسبياً ويعود تاريخ اول دراسة اجريت عنها الى عام 1918م عندما نشرها دلدجودار دراسته تحت عنوان “الروح المعنوية” وازدادت الدراسات ما بين الحربين العالميتين، وتشكلت هيئات نفسية تابعة للقيادات العسكرية بقصد دراستها دراسة علمية وعن هذه الهيئات، لجنة، الابحاث في اميركا التي ضمنت ابحاثها في اربعة مجلدات نشرت بين عامي 1949، 1954م تحت عنوان دراسات في علم النفس الاجتماعي.
ان الاهتمام بالروح المعنوية بدأ يتزايد لدورها الهام والفاعل في التأثير في الافراد من حيث مدى قيامهم بالاعمال والمهمات المنوطة بهم بدقة وسرعة كبيرة وعني بهذا الاهتمام، العاملون في الميادين المختلفة، ومنها الميدان التربوي إذ أن العملية التربوية تعلقت ببناء الاجيال وبالتالي فمعنويات القائمين بهذا البناء لها من الاهمية الكبرى ليكون الاداء افضل والبناء احسن. وعليه مما تقدم فقد كان للعلماء اراؤهم وبحوثهم في الروح المعنوية وفي تحديد مجالاتها وسوف تعرض الباحثة بعضاً لاراء العلماء وبحوثهم في هذا الموضوع.

الروح المعنوية من المنظور الإسلامي:
أولى الاسلام عناية فائقة بالفرد من حيث هو له حقوق وعليه واجبات ومن حيث علاقاته مع الاخرين ضمن المجتمع الاسلامي قال تعالى:وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا( )، فكلما كانت علاقة الفرد مع جماعته سليمة كان انجح في الحياة الاجتماعية التي يريدها الاسلام وهي قائمة على اصوله وتعاليمه وشريعته السمحاء وعليه فقد بنى الاسلام هذه العلاقة على مبادئ اهمها:
أ. مبدأ الشورى، قال تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ( ).
ب. مبدأ الايمان بالله وكتبه ورسله، قال تعالى:آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ( ).
ج. مبدأ الرعاية وتحمل المسؤولية، يقول الرسول (): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
د. مبدأ الرضا عن العمل والتي حددها الاسلام.(الحربي، 2004، ص2-3)
لقد جاءت العقيدة الاسلامية لترسم ملامح الحياة الجديدة بكل ميادينها وابعادها ولم يكن الدين منفصلاً عن الحياة الاجتماعية وعن باقي مجالات الحياة الاولى، فانبثقت الروح المعنوية من هذه العقيدة الجديدة في المجتمع بدلاً من العصبية القبلية وفي هذا المجال قال رسول الله (): (ليس منا من دعا الى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية).
وبهذا فقد وحد الاسلام فرقة العرب وهذب نفوسهم وحث على روح التعاون قال تعالى: :وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ( )، ومن ناحية اخرى اكد الاسلام على الايمان واعتبره المصدر الاول للارادة ولتنمية الثقة بالنفس فلا ارادة لمن لا ايمان له ولا ايمان لمن لا ثقة له بنفسه فعندما تتكامل هذه الصفات في الذات البشرية تنتج الصبر فيصبح الانسان كالطاقة الهائلة تتحدى المحال.(الراوي، 1998، ص30)
لقد حرص الاسلام على تثبيت المسلمين ورفع معنوياتهم ولرفع عزيمتهم في مجال السلم كما في مجال الحرب. ففي مجال السلم قال تعالى في الوحدة والتعاون مع جماعة المسلمين:وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ( )، وقال رسول الله (): (يد الله مع الجماعة)، كما اكد ثقة المسلم بنفسه فقال (): (عليكم انفسكم لا يضّركم من ضلّ اذا اهتديتم) وحث المسلمين على مواصلة العمل والمثابرة فيه فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْوَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ( )، وقال رسول الله (): (ان الله يحب احدكم اذا عمل عملاً ان يتممهُ). وتوجد آيات كريمات واحاديث شريفة تحث المسلمين العمل والمواصلة فيه والطموح فيما أمر الله به ونهى عنه، اما في مجال الحرب فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ( )، إذ من قوام الروح المعنوية الجهاد والثبات كما ان الآيات كثيرة وردت في النصر وان الروح المعنوية سبب رئيسي في هذا النصر ففي غزوة بدر نزلت الآية الكريمة:وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( )، وفي غزوة الخندق كان () يعاون المسلمين في حفر الخندق وفي بناء المسجد الشريف حاول رسول الله () ان يرفع من معنويات المسلمين عندما اخبرهم () بفتح بلاد فارس واندحار الروم وهو ما كان فعلاً بعد سنين.
ولم يترك الاسلام سمة من سمات الخير إلا وأمر بها ومن هنا اقتضى القول ان المجالات التي حث عليها الاسلام وامر بها تعددت وكبرت ولقد وصفت الروح المعنوية بأنها تؤدي معاني الشجاعة والاقدام والتعاون والرضا عن العمل وروح الجماعة وعليه فهي قوة تؤدي بالفرد الى المزيد من النجاح والتقدم في كافة مجالات الحياة وتشعر بالارتياح في عمله وحياته وهذا ما جاء به الاسلام من معانِ سامية كي يرقى بالفرد الى درجات متقدمة من العز والإباء في الحياة الكريمة. فانبثقت من تعاليم الدين الاسلامي، الاخلاص في العمل والصدق في القول والتعاون مع الجماعة والشعور بالمسؤولية بدلاً من الفرقة والتخالف مع الجماعة. ولقد اقتفى هذه التعاليم الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم من الخلفاء في تثبيت المسلمين ورفع معنوياتهم على اعتبار ان المسلمين امة واحدة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله وانهم خير امة اخرجت للناس قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ( ).
وكان الصحابة الكرام في هذه الحالة الروحية من المواظبة والإلحاح حتى غدت صبغة ملازمة لهم وكذلك الخلفاء الذين اتوا من بعدهم اتخذوا من الروح المعنوية التي تتسم بالثقة بالنفس والمثابرة والاصرار على النصر شعاراً لهم وقد التزم بهذا المسار القادة الميدانيون الذين اتوا من بعدهم في الاقدام والثقة بالنفس وصولاً الى النصر
الاكيد.(كولن، 2004، ص1-2)

الروح المعنوية من المنظور الإسلامي مصدر المقالة

لمزيد من المعلومات حول الموضوع يرجى مراجعة الرابط التالي :

الروح المعنوية من المنظور الإسلامي